للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد:

فإن العلم متعدد الفنون، مختلف الموارد، متنوع الغايات والمقاصد. غير أن العلم بشرع الله تعالى هو أصفى تلك العلوم موردا، وأسماها غاية ومقصدا؛ فالوحي منبعُه، وصلاح الدنيا والآخرة هدفه ومقصده.

ومما لا يخفى أن أهله بين الناس قليل، خاصة في هذا الزمن الذي أقبل أكثر الراغبين في العلم على علوم الدنيا- التي منها العلوم النافعة في نطاقها، ومنها العلوم الضارة- وزهدوا عن علوم الدين.

ومع هذه القلة في الإقبال على علوم الشريعة نجد جفافًا روحيًا، وقلة اعتناء بالعمل، وزهداً في التوجه نحو العبادة، وضعفًا في ظهور آثار العلم على الأقوال والأعمال والأحوال، إلا من رحم ربي.

والعلم إنما يُراد منه العمل، وحسن الأثر في واقع الإنسان الخاص والعام، وكم من مشتغل جعل جُلَّ همه في التحصيل وإدراك المعلومات، وروحُه تشكو الخواء، وقلبه مملوء بالأهواء، ونفسه غير زاكية، وأعماله لا فرق بينها وبين أعمال من لم يعلم!

وما كان هذا علمَ السلف، بل كان علمهم الجمع بين معرفة النصوص والعمل بها في واقع الحياة، وسيأتي معنا في ثنايا الكتاب ما يبرهن على ذلك.

قال ابن الجوزي رحمه الله: "رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في

 >  >>