فيا من غرق في لجج الخطايا اعلم أن هناك يداً تمتد إليك لتنقذك فلا تردها، ويامن أحرقَتْه نيران المعاصي، إن هناك وسائل إطفاء تعرض عليك فاقبلها، ويا من ضلّ في دياجي الذنوب، إن هناك نوراً يناديك ليخرجك من الظلمات إلى النور ويهديك إلى صراط مستقيم فأحسن استقباله، ويامن تدنس بعصيان خالقه، إن هناك مغتسلاً طهوراً ينتظرك ليطهرك فأسرع إليه، ويامن ما زال في سجن مخالفة ربه، إن هناك سبلاً كثيرة لإطلاق سراحك فاقبل زيارتها لك، ويامن تعاني آلام الخطيئة، إن هناك دواء مجانيًا يقدم لك فخذه قبل أن يهلكك المرض.
الخطر الكبير:
إن الخطر الكبير على ابن آدم أن يعمل المعاصي ولا يبالي، فلا يفكر بمن عصى، ولا في عواقب معصيته، ولا تضيق نفسه من جرمه حتى تحمله على البحث عن مكفرات لسيئته، بل الأخطر من ذلك أن يصر على خطاياه ويستصغرها، وهذا الذي قد يجعله يقلل من شأن أسباب مغفرة الذنوب.
و" الإصرار هو الاستمرار على المخالفة والعزم على المعاودة، وذلك ذنب آخر لعله أعظم من الذنب الأول بكثير، وهذا من عقوبة الذنب أنه يوجب ذنبًا أكبر منه، ثم الثاني كذلك ثم الثالث كذلك حتى يستحكم الهلاك. فالإصرار على المعصية معصية أخرى، والقعود عن تدارك الفارط من المعصية إصرار ورضا بها وطمأنينة إليها، وذلك علامة الهلاك، وأشد من هذا كله المجاهرة بالذنب مع تيقن نظر الرب جل جلاله من فوق عرشه إليه"(١).
وهناك خطر آخر ألا وهو المداومة على ارتكاب الصغائر، ظنًا أنها محقَّرات لا خطر فيها، وهذه التي حذر منها رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله: (إياكم ومحقَّرات الذنوب؛ فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود،