للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السعيدُ مَنْ دُفِنتْ ذنوبُه معه

الذنوب حبسٌ ورِقٌّ وهلاك، والمغفرة نجاة وتحرير وفِكاك، والذنوب قذر ونتن، والمغفرة طهارة وطيب، والذنوب داء، والمغفرة دواء، والذنوب قيظ وسَموم، والمغفرة مغتسل بارد وشراب.

إن أخطر ما على الإنسان معاصيه وسيئاته؛ فهي نار تحرق صاحبها عاجلاً أو آجلاً، وداء يمرض الروح أو يميتها.

والذنوب هي التي أخرجت آدم وحواء من الجنة فهبطا إلى الأرض بعد حياة الرغد، وهي التي طردت إبليسَ إلى لعنة الله، وهي التي تجلب الشقاء والتعاسة، والكدر والحزن، وتسلب عن العبد معيةَ ربه وتوفيقه وحمايته، وهي التي تورث العزيز ذلاً، والعمر محقًا وخُسراً، وهي التي ما حلّت قلبًا إلا ضيقت سروره، وسوّدت بياض أيامه، وقطعته عن أسباب راحته ونعيمه، وهي التي تجلب لأهلها الكوارث والجوائح، والمصائب والمعاطب، والنقم والبلايا.

فكم من نفس كانت بالطاعة عالية، فأصبحت بالمعصية دانية، وكانت بالصلاح في فسحة ونعيم، فأضحت بالخطيئة في ضيق وجحيم، وكانت ببُعدها عن الخطايا قريبة من رب البرايا، فلما عصت ابتعدت عن الرحمن، واقتربت من الشيطان.

فسبحان الله! كيف يرضى العاقل لنفسه ذلَّ المعصية، ولا يرضى لها عزَّ الطاعة، وكيف يستضيف بالخطيئة الضيقَ والعناء، ويطرد بهجر الطاعة السرورَ والهناء، وكيف يسعى جاهداً لسلوك أسباب العذاب في العاجل والآجل بالمعصية، ولا يسلك طرق السلامة في الدنيا والآخرة بالطاعة، وكيف يسعى بكد وجِد لتحصيل مصالح معيشته، ولا يسعى كذلك إلى محو سيئاته؟!

<<  <   >  >>