للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رَبيعُ القلوب ونورُ الصدور

القرآن الكريم نورٌ هلَّ من السماوات العلا، واستقبل الأرضَ بضيائه العظيم، ليملأها إشراقًا وسناء، ويغسل عيونها من رهج الضلالة حتى ترى الحق، وتبصر سبيل النجاة. {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥] {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٦].

عظمة القرآن:

إنه كلام الله تعالى فيه "نبأ مَنْ قبلكم، وخبر مَنْ بعدكم، وحُكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تشبع منه العلماء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يَخْلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنتهِ الجن إذ سمعته عن أن قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: ١] {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن: ٢]. من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم" (١). لا ينضب مَعينُه باستقاء وُرَّاده، ولا تفنى جواهره بازدياد غائصيه وقُصَّاده؛ فما زال البحرَ الذي لا ساحل له، والغيثَ الذي لا تُحصى قطراته، والنور الذي لا أمَد لهداياته، فمن سأل عن الشفاء فيه وجده، ومن استرشد به أرشده، ومن تدبره وعقلَه فما نسي حلاوته، ولا هجر تلاوته، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: ٨٢]. ولا عجب؛ فإنه تنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين على سيد المرسلين؛


(١) رواه الترمذي عن علي رضي الله عنه (٥/ ١٧٢)، وهو ضعيف مرفوعًا.

<<  <   >  >>