للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وقال مغيث الأسود: زوروا القبور كل يوم تفكركم، وشاهدوا الموقف بقلوبكم، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذِكرَ النار ومقامعها وأطباقها" (١).

سَوقُ أهل النار إليها:

بعدَ القسمة العادلة وفصل القضاء بين الخلائق في عرصات القيامة يأمر الله تعالى ملائكته بأخذ أهل النار إلى النار، فيُساقون إليها جماعاتٍ وأفواجاً سوقًا شديداً، ويرِدونها وهم عِطاشٌ من حُرق ِالموقف وطوله وأهواله، ويُرمون فيها على ركبهم، عليهم الأغلالُ والقيود، ويسحبون على وجوهم فيلقون في النار إلقاء. قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} [الزمر: ٧١]. وقال: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: ٨٥، ٨٦] أي: عطاشًا. وقال: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: ٦٨]. وقال: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: ٣٠ - ٣٢]، وقال: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: ٣٤]، وقال: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: ٩٤]، وقال: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: ٢٤].

على أبواب جهنم:

وحينما يُلقى أهل النار في النار تستقبلهم جهنم بشهيقها وزفيرها وشدة فورانها، حتى تكاد تتقطع من شدة غضبها عليهم؛ فقد طال انتظارها لهؤلاء الأشقياء الذين عصوا الله تعالى. قال تعالى: {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: ١٢]، وقال: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ … } [الملك: ٧، ٨].


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٥).

<<  <   >  >>