للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعْبُدُوا رَبَّكُم

لقد خلق الله الإنس والجن وأخرجهم إلى هذه الحياة المؤقتة لغاية عظيمة هي عبادته سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]. وهذا هو تكليفهم في الدنيا لينتقلوا بعده إلى دار الآخرة ليلقَوا الجزاء على هذا التكليف.

فمِن المكلَّفين من عمل لهذه الغاية فعبد الله تعالى وحده لا شريك له ففاز في الدنيا والآخرة، ومنهم من زاغ عن هذه الغاية وعبد غير الله تبارك وتعالى؛ لأسباب اكتسبها حتى آلت به إلى الشقاء.

قال ابن عاشور: " فالله تعالى خلق الناس على تركيب يقتضي النظر في وجود الإله، ويسوق إلى توحيده، ولكن كسب الناس يجرف أعمالهم عن المهيع الذي خلقوا لأجله، وأسباب تمكنهم من الانحراف كثيرة راجعة إلى تشابك الدواعي والتصرفات والآلات والموانع" (١).

ولأجل هذه الغاية العظيمة أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، فعُرف الرشد من الغي والحق من الضلال.

وكان من بين أولئك الرسل الكرام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به الرسالات، وأرسله بخير الشرائع وأكملها، وأعدلها وأحسنها هديًا إلى عبادة الله تعالى.

فاهتدى به صلى الله عليه وسلم من رضي الله عنهم واختارهم لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام، فكانوا أعبد الناس لربهم بعد نبيهم، وأسرعهم إلى طاعته، والاستقامة


(١) التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٧/ ٤٤).

<<  <   >  >>