للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جرم كان تخصيص الليل بالذكر دالاً على أن هذا القانت لا يخلو من السجود والقيام آناء النهار بدلالة فحوى الخطاب" (١).

عاشراً: أنها من صفات المتقين، قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: ١٥ - ١٨].

قال الحسن البصري: "كابدوا قيام الليل فلا ينامون من الليل إلا أقلَّه، ونشطوا فمدوا إلى السحر حتى كان الاستغفار بسَحر" (٢).

قال ابن رجب: "كان بعض العلماء يقوم السحر فنام عن ذلك ليالي، فرأى في منامه رجلين وقفا عليه وقال أحدهما للآخر: هذا كان من المستغفرين بالأسحار فترك ذلك!

يا من كان له قلب فانقلب، يا من كان له وقت مع الله فذهب، قيامُ السحر يستوحش لك، صيام النهار يسأل عنك، ليالي الوصال تعاتبك.

تغيرتمُ عنَّا بصحبةِ غيرِنا … وأظهرتمُ الهُجرانَ ما هكذا كُنَّا

وأقسمتمُ أنْ لا تحولوا عن الهوى … فحلتمْ عن العهد القديم وما حُلنا

لياليَ كنا نستقي من وصالكم … وقلبي إلى تلك اللياليَ قد حنَّا" (٣).

أسباب مُعِيَنة على قيام الليل:

إن قيام الليل والمداومة عليه ليس بالأمر اليسير على كل إنسان، بل هو توفيق من الله تعالى لمن قامت به صفات استحق بها الإكرام بإيقاظه بين يدي الله في الليل، هذه الصفات هي الأسباب التي تعين المسلم على صلاة الليل والحرص عليها، ومن أحسن


(١) التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٤/ ٣٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٨١).
(٣) لطائف المعارف، لابن رجب (ص: ٤٣).

<<  <   >  >>