جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كلمات جامعة، وحكم نافعة في العلم والعمل، فمنها قوله: إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبته، ومن زرع شرًا فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع. لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يُقدر له. من أُعطي خيراً فالله أعطاه، ومن وقي شرًا فالله وقاه. المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة. لا يطولنَّ عليكم الأمد، ولا يلهينكم الأمل؛ فإن كل ما هو آت قريب. ألا إن البعيد ما ليس آتيًا، ألا وإن الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره. شر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، وخير ما أُلقي في القلب اليقين. ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيًا محزونًا، حكيمًا حليمًا سكِينًا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيًا، ولا غافلاً ولا سَخّابًا ولا صيّاحًا، ولا حديداً. إن الله بقسطه وحلمه وعدله جعل الرَّوح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. ما دمتَ في صلاة فأنت تقرع باب الملك، ومن يقرع باب الملك يفتح له. إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها. كونوا ينابيع العلم مصابيح الهدى، أحلاس البيوت (١)، سُرُج الليل، جُدد القلوب، تعرفون في السماء، وتخفون على أهل الأرض. إن للقلوب شهوة وإدباراً، فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها، ودعوها عند تفرقها وإدبارها. ليس العلم بكثرة الرواية،