للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجئ بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: ربِّ لا تقم الساعة).

وقد تضمن حديث البراء هذا بعض القضايا المتعلقة بالقبر والمقبور، ومنها:

انفساح القبر وإضاءته، وهو حدث حقيقي يجده الميت، وإن لم يشعر به الأحياء؛ لأن ما في القبر هو من عالم الآخرة. ومنها: سؤال الملكين عن الأصول الثلاثة: عن الرب، وعن الرسول، وعن الدين، فيثبت الله المؤمن فيجيب الإجابة المرضية التي كان يعلمها ويعمل بها في الدنيا، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧].

وأما الكافر فلا يستطيع الجواب عن هذه الأصول الثلاثة؛ لأنه لم يكن يعمل بها في الدنيا. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: (استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل) (١).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما: المنكر والآخر النكير) (٢).

ومن القضايا التي تناولها الحديث: ذهاب وحشة المؤمن في قبره، وحصول أُنسه بعمله الصالح الذي يأتيه على هيئة رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيّب الرائحة، فيقول له: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت، فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير؟، فيقول: أنا عملك الصالح.

ومما ذكره الحديث: حصول النعيم لأهل الإيمان في قبورهم، وكذلك العذاب لمن سواهم.


(١) رواه أبو داود (٣/ ٢٠٩)، والحاكم، (١/ ٥٢٦)، وهو صحيح.
(٢) رواه الترمذي (٣/ ٣٨٣)، وهو صحيح.

<<  <   >  >>