للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَا سِلْعَةَ الرَّحْمَنِ مَاذَا كفُوْهَا … إِلاَّ أوُلُو التَّقْوَى مَعَ الإيْمَانِ

يَا سِلْعَةَ الرَّحْمَنِ سُوقُكِ كَاسِدٌ … بِيْنَ الأَرَاذَلِ سفلَةِ الْحَيَوَانِ

يَا سِلْعَةَ الرَّحْمَنِ أَيْنَ الْمُشْتَرِي … فَلَقَدْ عُرِضْتِ بأيْسَرِ الأَثْمَانِ

يَا سِلْعَةَ الرَّحْمَنِ هَلْ مِنْ خَاطِبٍ … فَالْمَهْرُ قَبْلَ المَوتِ ذُوْ إِمْكَانِ

يَا سِلْعَةَ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَصْبُّر الْـ … ـخُطَّابُ عَنْكِ وَهُمْ ذَوُو إِيْمَانِ

يَا سِلْعَةَ الرَّحْمَنِ لَوْلَا أَنَّهَا … حُجبَتْ بِكُلِّ مَكَارِه الإنْسَانِ

مَا كَانَ عَنْهَا قَطُ مِنْ مُتَخَلِّفٍ … وَتَعَطَّلَتْ دَارُ الْجَزاءِ الثَّانِي

لَكِنَّهَا حُجِبَتْ بِكُلِّ كَريْهَةٍ … لِيَصُدَّ عَنْهَا الْمُبْطِلُ الْمُتَوانِي

وَتَنَالُهَا الْهِمَمُ الَّتِي تَسْمُو إِلَى … رَبِّ العُلى بِمَشيْئَةِ الرَّحْمَنِ (١).

من العرصات إلى الجنات:

فبعد أن يُقضى بين الخلائق في العرصات يساق أهل الجنة إلى الجنة، فيمرون على الصراط مسرعين حسب أعمالهم في الدنيا، فيخلصون إلى مكان بين الجنة والنار فيبقون هناك حتى يقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، وتصفّى قلوبهم من أدواء الحسد والحقد والكراهية فيما بينهم، حتى إذا نُقّوا دخلوا الجنة، قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في


(١) متن القصيدة النونية لابن القيم (٢/ ٣٥٣).

<<  <   >  >>