للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكمنا في الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد «١»

. وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما. قالت عائشة: وهو غلام شاب ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام. و (كان) يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل- وهو لبن منحتهما ورضيفهما- حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث»

. وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفي عليه «٣» .

أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلّى الله عليه وسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة. فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا عليا، وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، علهم يظفرون بخبرهما «٤» .

ولما لم يحصلوا من عليّ على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر، وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقالوا لها: أين أبوك؟ قالت: لا أدري والله أين أبي؟ فرفع أبو جهل يده- وكان فاحشا خبيثا- فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها «٥» .

وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة (في جميع الجهات) تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين، كائنا من كان «٦» .


(١) انظر فتح الباري ٧/ ٣٣٦.
(٢) صحيح البخاري ١/ ٥٥٣، ٥٥٤.
(٣) ابن هشام ١/ ٤٨٦.
(٤) رحمة للعالمين ١/ ٩٦.
(٥) ابن هشام ١/ ٤٨٧.
(٦) انظر صحيح البخاري ١/ ٥٥٤.

<<  <   >  >>