للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقر القيادة:]

وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبني المسلمون مقرا لقيادته، استعدادا للطوارىء، وتقديرا للهزيمة قبل النصر، حيث قال: «يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، يناصحونك، ويجاهدون معك» .

فأثنى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيرا، ودعا له بخير، وبنى المسلمون عريشا على تلك مرتفع يقع في الشمال الشرقي لميدان القتال، ويشرف على ساحة المعركة.

كما تم انتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ، يحرسون رسول الله صلّى الله عليه وسلم حول مقر قيادته.

[تعبئة الجيش وقضاء الليل:]

ثم عبأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم جيشه «١» ، ومشى في موضع المعركة، وجعل يشير بيده: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله «٢» ، ثم بات رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع شجرة هنالك، وبات المسلمون ليلهم هادىء الأنفاس منير الآفاق، غمرت الثقة قلوبهم، وأخذوا من الراحة قسطهم، يأملون أن يروا بشائر ربهم بعيونهم صباحا إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (٨: ١١) .

كانت هذه الليلة ليلة الجمعة، السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وكان خروجه في ٨ أو ١٢ من نفس الشهر.


(١) انظر جامع الترمذي أبواب الجهاد، باب ما جاء في الصف والتعبئة ١/ ٢٠١.
(٢) رواه مسلم عن أنس، انظر مشكاة المصابيح ٢/ ٥٤٣.

<<  <   >  >>