للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال رجل: إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال: أعطه يا فضل، ثم أوصى بالأنصار قائلا:

«أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم» وفي رواية أنه قال: «إن الناس يكثرون، وتقل الأنصار، حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم» «١» .

ثم قال: «إن عبدا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده» قال أبو سعيد الخدري: فبكى أبو بكر. قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فعجبنا له، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا، وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا «٢» .

ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن أمن الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر» «٣» .

[قبل أربعة أيام:]

ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال- وقد اشتد به الوجع-:

«هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده» فقال بعضهم: قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «قوموا عني» «٤» .

وأوصى ذلك اليوم بثلاث: أوصى بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب،


(١) صحيح البخاري ١/ ٥٣٦.
(٢) متفق عليه، مشكاة المصابيح ٢/ ٥٤٦.
(٣) متفق عليه. مشكاة المصابيح ٢/ ٥٤٨، صحيح البخاري ١/ ٢٢، ٤٢٩، ٤٤٩، ٢/ ٦٣٨.
(٤) رواه البخاري عن أم الفضل باب مرض النبي صلّى الله عليه وسلم ٢/ ٦٣٧.

<<  <   >  >>