١- تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية وشؤم ارتكاب النهي. وأن الطاعة هي قوام النظام في كل جيوش العالم، فإذا ما انعدمت الطاعة فسدت الخطة، وصار الأمر فوضى وخسرانا.
٢- عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة، فلو أنهم انتصروا دائما، دخل في المؤمنين من ليس منهم، ولما تميز الصادق من غيره.
فاقتضت الحكمة الجمع بين النصر وتأخيره، ليتميز الصادق من الكاذب.
ولو قطع الله كل يد امتدت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حينه، لما بقي إسلام بعده، ولا صبر داعية، ولا تحمل مسلم، ولقيل: إن الله لم ينتصر لنا كما انتصر لنبيه.
فتحمله صلّى الله عليه وسلم أسوه وقدوة لتحمل الدعاة المجاهدين من بعده، فتأخير النصر في بعض المواطن حكمة، فهو لتربية النفوس ولكسر شموخها وتعاظمها، فلما كان الابتلاء والامتحان صبر المؤمنون، وجزع النافقون.
٣- حنكة رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحربية، وبراعته العسكرية، وتقديره الدقيق للموقف، مع سرعة في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، مع السيطرة التامة على سير الأحداث.
فالتفاف جيش خالد كان كافيا لإفناء جيش المسلمين، وتحطيم كل قواته وعتاده.
فجاءت الحنكة والاتزان والهدوء، بفك الطوق والانسحاب المنظم إلى جبل أحد. فاستطاع النبي صلّى الله عليه وسلم أن يجعل الخسارة أقل ما يكون.
إن الافلات من عواقب الانكسار الشنيع عمل لا يقل- في خطره وعظمته- عن الانتصار الأول.
٤- تبختر أبي دجانة، يدل على أن بعض مظاهر الكبر المحرمة في الأحوال العامة تزول حرمتها في حالات الحرب.