للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله، فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه. قال: فبايعته- وفي نسخة فبايعناه- على ذلك «١» .

[سفير الاسلام في المدينة:]

وبعد أن تمت البيعة وانتهى الموسم بعث النبي صلّى الله عليه وسلم مع هؤلاء المبايعين أول سفير في يثرب، ليعلم المسلمين فيها شرائع الإسلام، ويفقههم في الدين، وليقوم بنشر الإسلام بين الذين لم يزالوا على الشرك، واختار لهذه السفارة شابا من شباب الإسلام من السابقين الأولين، وهو مصعب بن عمير العبدري رضي الله عنه.

[العبر والدلالات]

لقد أينع الصبر، وبدأ الجهد يثمر، واستغلظ زرع الدعوة وأخذ يستهوي على سوقه ليعطي النتيجة والثمار.

إحدى عشرة سنة من التعب والجهاد والصبر، حتى جاء الفرج، وكان من السهل على الله أن يقيم دعائهم المجتمع الإسلامي بدون هذا التعب، ولكن تلك هي سنة الله في عباده.

بنود البيعة الأولى، لم تكن نطقا بالشهادتين فحسب، بل هي سلوك وتصرف في حياة الفردمع الآخرين، وهذه هي غاية العبادة ومقصودها، كما بيّن الله عز وجل ذلك في كل عبادة، إذ قال: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ [العنكبوت ٢٩] وقال سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة ١٨٣] . وقال عز وجل: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها [التوبة ١٠٣] .

مهمة الدعوة ليست قاصرة على الأنبياء والمرسلين وحدهم، بل هي مهمة كل مسلم، والقدوة في ذلك مصعب بن عمير مع وجود النبي صلّى الله عليه وسلم.


(١) صحيح البخاري، باب علامة الإيمان حب الأنصار ١/ ٧، باب وفود الأنصار ١/ ٥٥٠، ٥٥١ واللفظ من هذا الباب، وباب قوله تعالى: إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ ٢/ ٧٢٧، باب الحدود كفارة ٢/ ١٠٠٣.

<<  <   >  >>