ودخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يومئذ دار أم هانىء بنت أبي طالب: فاغتسل وصلى ثماني ركعات في بيتها، وكان ضحى، فظنها من ظنها صلاة الضحى وإنما هذه صلاة الفتح، وأجارت أم هانىء حموين لها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قد أحرنا من أجرت يا أم هانىء، وقد كان أخوها علي بن أبي طالب أراد أن يقتلهما، فأغلقت عليهما باب بيتها، وسألت النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال لها ذلك.
[إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين:]
وأهدر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يومئذ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحارث بن نفيل بن وهب، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن خطل، كانتا تغنيان بهجو النبي صلّى الله عليه وسلم، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، وهي التي وجد معها كتاب حاطب.
فأما ابن أبي سرح، فجاء به عثمان إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، وشفع فيه فحقن دمه، وقبل إسلامه بعد أن أمسك عنه، رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله، وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة.
وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن، فاستأمنت له امرأته، فأمنه النبي صلّى الله عليه وسلم فتبعته، فرجع معها وأسلم، وحسن إسلامه.
وأما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة، فجاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وأخبره فقال:
اقتله. فقتله.
وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله، وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد ولحق بالمشركين.
وأما الحارث فكان شديد الأذى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة، فقتله علي.
وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين هاجرت،