للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا، وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعونه ولا يرون القائل:

جزى الله رب العرش خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد

هما نزلا بالبر وارتحلا به ... وأفلح من أمسى رفيق محمد

فيا لقصي ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا يجازى وسؤدد

ليهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

قالت أسماء: ما درينا أين توجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات، والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه، حتى خرج من أعلاها.

قالت: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأن وجهه إلى المدينة «١» .

(٥) وفي الطريق لقي النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بريدة، وكان رئيس قومه، خرج في طلب النبي صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر؛ رجاء أن يفوز بالمكافأة الكبيرة التي كان قد أعلن عنها قريش، ولما واجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكلمه أسلم مكانه مع سبعين رجلا من قومه، ثم نزع عمامته، وعقدها برمحه، فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء ليملأ الدنيا عدلا وقسطا «٢» .

(٦) وفي الطريق لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو في ركب المسلمين، كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضاء «٣» .

[النزول بقباء:]

وفي يوم الإثنين ٨ ربيع الأول سنة ١٤ من النبوة- وهي السنة الأولى من الهجرة- الموافق ٢٣ سبتمبر سنة ٦٢٢ م نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقباء «٤» .


(١) زاد المعاد ٢/ ٥٣، ٥٤.
(٢) رحمة للعالمين ١/ ١٠١.
(٣) روى ذلك البخاري عن عروة بن الزبير ١/ ٥٥٤.
(٤) رحمة للعالمين ١/ ١٠٢- وفي هذا اليوم تم عمره صلّى الله عليه وسلم ثلاثة وخمسين عاما كاملا لا وكس ولا شطط، وتم على نبوته ثلاثة عشر عاما كاملا عند من يقول: إنه أكرم بالنبوة في ٩ ربيع الأول في سنة ٤١ من عام الفيل، وأما-

<<  <   >  >>