يحتفلوا لهذا الخروج احتفالا بليغا، ولا اتخذوا أهبتهم كاملة، فلم يكن معهم إلا فرسان، فرس للزبير بن العوام، وفرس للمقداد بن الأسود الكندي، وكان معهم سبعون بعيرا ليعتقب الرجلان والثلاثة على بعير واحد، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعليّ ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرا واحدا.
واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، فلما كان بالروحاء ردّ أبا لبابة بن عبد المنذز، واستعمله على المدينة.
ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري، وكان هذا اللواء أبيض.
وقسم جيشه إلى كتيبتين:
١- كتيبة المهاجرين، وأعطى علمها علي بن أبي طالب.
٢- كتيبة الأنصار، وأعطى علمها سعد بن معاذ.
وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو- وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش كما أسلفنا- وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة، وظلت القيادة العامة في يده صلّى الله عليه وسلم كقائد أعلى للجيش.
[الجيش الإسلامي يتحرك نحو بدر:]
سار رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هذا الجيش غير المتأهب، فخرج من نقب المدينة، ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة، حتى بلغ بئر الروحاء ولما ارتحل منها، ترك طريق مكة بيسار، وانحرف ذات اليمين على النازية (يريد بدرا) ، فسلك في ناحية منها، حتى جزع واديا يقال له رحقان، بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم مر على المضيق، ثم انصب منه حتى قرب من الصفراء، وهنالك بعث بسبس بن عمرو الجهني وعدي بن أبي الزغباء الجهني إلى بدر يتجسسان له أخبار العير.
[النذير في مكة:]
وأما خبر العير فإن أبا سفيان- وهو المسؤول عنها- كان على غاية من الحيطة والحذر، فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار، وكان يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من