عثمان فبايعه، ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين يقال له جد بن قيس.
أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم هذه البيعة تحت شجرة، وكان عمر آخذا بيده، ومعقل بن يسار آخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الآية (٤٨: ١٨) .
[إبرام الصلح وبنوده:]
وعرفت قريش حراجة الموقف، فأسرعت إلى بعث سهيل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له أن لا يكون في الصلح إلا أن يرجع عنا عامه هذا، لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا. فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه عليه السلام قال: قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فجاء سهيل فتكلم طويلا، ثم اتفقا على قواعد الصلح وهي هذه:
١- الرسول- صلّى الله عليه وسلم- يرجع من عامه، فلا يدخل مكة وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثا، معهم سلاح الراكب، السيوف في القرب، ولا تتعرض قريش لهم بأي نوع من أنواع التعرض.
٢- وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض.
٣- من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزءا من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدوانا على ذلك الفريق.
٤- من أتى محمدا من قريش من غير إذن وليه- أي هاربا منهم- رده عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد- أي هاربا منه- لم يرد عليه.
ثم دعا عليا ليكتب الكتاب، فأملى عليه «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: أما الرحمن فوالله لا ندري ما هو؟ ولكن اكتب باسمك اللهم. فأمر النبي صلّى الله عليه وسلم عليا بذلك. ثم أملى (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله) فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال: إني رسول الله وإن كذبتموني،