للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت درعه صلّى الله عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من الشعير.

[أخر يوم من الحياة:]

روى أنس بن مالك: أن المسلمين بيناهم في صلاة الفجر يوم الإثنين- وأبو بكر يصلي بهم- لم يفجأهم إلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه؛ ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس: وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فرحا برسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر «١» .

ثم لم يأت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقت صلاة أخرى.

ولما ارتفع الضحى، دعا النبي صلّى الله عليه وسلم فاطمة فسارها بشيء فبكت. ثم دعاها، فسارها بشيء فضحكت، قالت عائشة، فسألنا عن ذلك- أي فيما بعد- فقالت: سارني النبي صلّى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت «٢» .

وبشر النبي صلّى الله عليه وسلم فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين «٣» .

ورأت فاطمة ما برسول الله صلّى الله عليه وسلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه، فقالت: واكرب أباه. فقال لها: «ليس على أبيك كرب بعد اليوم» «٤» .

ودعا الحسن والحسين فقبلهما، وأوصى بهما خيرا، ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن.

وطفق الوجع يشتد ويزيد، وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان يقول:

«يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من


(١) نفس المصدر، باب مرض النبي صلّى الله عليه وسلم ٢/ ٦٤٠.
(٢) صحيح البخاري ٢/ ٦٣٨.
(٣) ويدل بعض الروايات أن هذا الحوار والبشارة لم يكن في آخر يوم من حياته بل في آخر أسبوع. رحمة للعالمين ١/ ٢٨٢.
(٤) صحيح البخاري ٢/ ٦٤١.

<<  <   >  >>