١- أول ما ينبغي أن ما يسترعي انتباهنا من أمر هذه الغزوة، ملاحظة الفرق بين طبيعتها وطبيعة الغزوات السابقة التي حدثت قبلها.
لقد كانت الغزوات السابقة كلها قائمة على أسباب دفاعية.
أما هذه الغزوة، فهي تدل على أن الدعوة الإسلامية قد دخلت مرحلة جديدة، وهي مرحلة الهجوم بدل الدفاع، الهجوم لدعوة الناس إلى الإسلام، ومحاربتهم على كفرهم وعنادهم عن قبول الحق.
٢- إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، ولا ينتزعها من قوم ويعطيها آخرين محاباة، كلا، ولكن الأمة التي تجحد النعمة، وتكفر بعطاء الله، يسلبها الله أرضها، ثم تساق النعمة إلى من يقدّرها ويشكر الله عليها.
والأمة التي تتكبر وتتبطر تفقد امتلاكها لنفسها وحقها وأمرها، وتقع تحت سيطرة الآخرين، فيصرّفون أمورها وشؤونها كما يشاؤون.
قال تعالى وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود ١٠٢] .
فالحياة كرّ وفرّ، إقفال وإدبار، والنظرة العجلى إلى تاريخ البشرية، توحي بأن مكان الصدارة لم يثبت لأمة، فالصدارة الأصلح والأنفع للبشرية. وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء ١٠٥] .