قال ابن إسحاق: أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.
قال المفسرون: إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ (٤٨: ٢٠) يعني صلح الحديبية، وبالمغانم الكثيرة خيبر
[عدد الجيش الإسلامي:]
ولما كان المنافقون وضعفاء الإيمان تخلفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، أمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلم فيهم قائلا: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٨: ١٥) .
فلما أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر، أعلن أن لا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة.
واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وقال ابن إسحاق: نميلة بن عبد الله الليثي، والأول أصح عند المحققين «١» .
وحينئذ قدم أبو هريرة المدينة مسلما، فوافى سباع بن عرفطة في صلاة الصبح فلما فرغ من صلاته أتى سباعا فزوده، حتى قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكلم المسلمين فأشركوه وأصحابه في سهماتهم.
[اتصال المنافقين باليهود:]
وقد قام المنافقون يعملون لليهود، فقد أرسل رأس المنافقين عبد الله بن أبي إلى يهود خيبر:
أن محمدا قصد قصدكم وتوجه إليكم، فخذوا حذركم، ولا تخافوا منه، فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عزّل لا سلاح معهم إلا قليل. فلما علم ذلك أهل خيبر، أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس إلى غطفان. يستمدونهم؛ لأنهم كانوا حلفاء يهود