للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانطلق حكيم بن حزام إلى أبي جهل- وهو يهيئ درعا له- قال يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني بكذا وكذا، فقال أبو جهل: انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور، وفيهم ابنه- وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قديما وهاجر- فتخوفكم عليه.

ولما بلغ عتبة قول أبي جهل: «انتفخ والله سحره» ، قال عتبة: سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره، أنا أم هو؟ وتعجل أبو جهل مخافة أن تقوى هذه المعارضة. فبعث على إثر هذه المحاورة إلى عامر بن الحضرمي- أخي عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية عبد الله بن جحش- فقال: هذا حليفك (أي عتبة) يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك، ومقتل أخيك، فقام عامر، فكشف عن استه، وصرخ: واعمراه، واعمراه فحمي القوم، وحقب أمرهم، واستوثقوا على ما هم عليه من الشر، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة. وهكذا تغلب الطيش على الحكمة، وذهبت هذه المعارضة دون جدوى.

[الجيشان يتراءان:]

ولما طلع المشركون، وترآى الجمعان قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة» . وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم- ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر- إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا.

وعدل رسول الله صلّى الله عليه وسلم صفوف المسلمين، وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب، فقد كان في يده قدح يعدل به، وكان سواد بن غزية مستنصلا من الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال:

«استو يا سواد» ، فقال سواد: يا رسول الله أوجعتني فأقدني، فكشف عن بطنه، وقال:

«استقد» ، فاعتنقه سواد وقبل بطنه، فقال: «ما حملك على هذا يا سواد» ؟ قال:

يا رسول الله قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بخير.

[تعليمات القتال:]

ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر

<<  <   >  >>