الرُّعْبَ، وأوحى إلى رسوله أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ- أي أنهم ردف لكم، أو يردف بعضهم بعضا أرسالا، لا يأتون دفعة واحدة.
[نزول الملائكة:]
وأغفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة، ثم رفع رأسه فقال:«أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع»(أي الغبار) . وفي رواية محمد بن إسحاق: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع» .
ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من باب العريش، وهو يثب في الدرع، ويقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٥٤: ٤٥) ، ثم أخذ حفنة من الحصباء، فاستقبل بها قريشا وقال:
«شاهت الوجوه» ، ورمى بها في وجوههم، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومنخريه وفمه من تلك القبضة، وفي ذلك أنزل الله: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى (٨: ١٧) .
[الهجوم المضاد:]
وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره الأخيرة بالهجمة المضادة فقال:«شدوا» ، وحرضهم على القتال، قائلا:«والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة» ، وقال وهو يحضهم على القتال:«قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» ، (وحينئذ) قال العمير بن الحمام: بخ. بخ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«ما يحملك على قولك: بخ. بخ» ؟ قال: لا، والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال:
«فإنك من أهلها» . فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل «١» .
وكذلك سأله عوف بن الحارث- ابن عفراء- فقال: يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده! قال غمسه يده في العدو حاسرا، فنزع درعا كانت عليه، فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.