للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جدعان في مسكن لها على الصفا ترى ذلك، وأقبل حمزة من القنص متوشحا قوسه، فأخبرته المولاة بما رأت من أبي جهل، فغضب حمزة- وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة- فخرج يسعى، لم يقف لأحد، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما دخل المسجد قام على رأسه، وقال له: يا مصفر استه، تشتم ابن أخي وأنا على دينه؟ ثم ضربه بالقوس فشجه شجة منكرة، فثار رجال من بني مخزوم- حي أبي جهل- وثار بنو هاشم- حي حمزة- فقال: أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني سببت ابن أخيه سبا قبيحا «١» .

وكان إسلام حمزة أول الأمر أنفة رجل أبى أن يهان مولاه. ثم شرح الله صدره، فاستمسك بالعروة الوثقى «٢» ، واعتز به المسلمون أيما اعتزاز.

[إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه:]

وخلال هذا الجو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق آخر أشد بريقا وإضاءة من الأول، ألا وهو إسلام عمر بن الخطاب، أسلم في ذي الحجة سنة ست من النبوة «٣» . بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي الله عنه «٤» . وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد دعا الله تعالى لإسلامه، فقد أخرج الترمذي عن ابن عمر، وصححه، وأخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام» فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه «٥» .


(١) مختصر سيرة الرسول للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص ٦٦، رحمة للعالمين ١/ ٦٨، ابن هشام ١/ ٢٩١، ٢٩٢.
(٢) تدل عليه رواية ذكرها الشيخ عبد الله النجدي في مختصر السيرة ص ١٠١.
(٣) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص ١١.
(٤) ستأتي رواية في ذلك.
(٥) الترمذي، أبواب المناقب، مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب ٢/ ٢٠٩.

<<  <   >  >>