للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دما في أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم، فجاء ليلا، وقد أرصد رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلين ربيئة «١» للمسلمين من العدو، وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر، فضرب عبادا وهو قائم يصلي بسهم فنزعه، ولم يبطل صلاته، حتى رشقه بثلاثة أسهم، فلم ينصرف منها حتى سلم، فأيقظ صاحبه، فقال:

سبحان الله، هلا نبهتني، فقال: إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها «٢» .

كان لهذه الغزوة أثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب القساة، وإذا نظرنا إلى تفاصيل السرايا بعد هذه الغزوة؛ نرى أن هذه القبائل من غطفان لم تجترىء أن ترفع رأسها بعد هذه الغزوة، بل استكانت شيئا فشيئا حتى استسلمت، بل وأسلمت، حتى نرى عدة قبائل من هذه الأعراب تقوم مع المسلمين في فتح مكة، وتغزو حنينا، وتأخذ من غنائمها، ويبعث إليها المصدقون فتعطي صدقاتها بعد الرجوع من غزوة الفتح، فبهذا تم كسر الأجنحة الثلاثة التي كانت ممثلة في الأحزاب، وساد المنطقة الأمن والسلام، واستطاع المسلمون بعد ذلك أن يسدوا بسهولة كل خلل وثلمة حدثت في بعض المناطق من بعض القبائل، بل بعد هذه الغزوة بدأت التمهيدات لفتوح البلدان والممالك الكبيرة، لأن داخل البلاد كانت الظروف قد تطورت لصالح الإسلام والمسلمين.


(١) ربيئة: الشخص المخصص للمراقبة.
(٢) زاد المعاد ٢/ ١١٢، وانظر لتفصيل مباحث هذه الغزوة ابن هشام ٢/ ٢٠٣، إلى ٢٠٩، زاد المعاد ٢/ ١١٠، ١١١، ١١٢، فتح الباري ٧/ ٤١٧ إلى ٤٢٨.

<<  <   >  >>