للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات، وسيكون أهلها حملة الإسلام جيلا بعد جيل، وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة.

ورأى مالك خازن النار، وهو لا يضحك، وليس على وجهه بشر وبشاشة، وكذلك رأى الجنة والنار.

ورأى أكلة أموال اليتامى ظلما لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعا من نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم.

ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة، لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم.

ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين.

ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن.

ورأى عيرا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير ندّ لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء «١» .

قال ابن القيم: فلما أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم وضراوتهم عليه، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها وكان الأمر كما قال، فلم يزدهم ذلك إلا نفورا، وأبي الظالمون إلا كفورا «٢» .

يقال سمي أبو بكر رضي الله عنه صديقا؛ لتصديقه هذه الواقعة حين كذبها الناس «٣» .


(١) المصادر السابقة وابن هشام ١/ ٣٩٧، ٤٠٢، ٤٠٣، ٤٠٤، ٤٠٥، ٤٠٦.
(٢) زاد المعاد ١/ ٤٨، وانظر أيضا صحيح البخاري ٢/ ٦٨٤، وصحيح مسلم ١/ ٩٦، وابن هشام ١/ ٤٠٢، ٤٠٣.
(٣) نفس المصدر الأخير ١/ ٣٩٩.

<<  <   >  >>