للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن تتجلى قدرة منهج الإسلام -مع ثبات أصوله- على مواكبة المتغيرات في كل الأزمنة والأمكنة ترك طرق هذه العمارة وأساليبها، وأدواتها دون قيد, إلا الإطار العام لهذا المنهج، فعلى الإنسان في هذه العمارة أن يستنفد قدراته ومبلغ علمه والمتاح, وما يمكن إتاحته من طرق وأساليب وأدوات للوفاء بهذا التكليف الرباني.

وقد يكون مجال الوفاء بهذه الوظيفة في أقوام هي الزراعة، وقد تكون التجارة هي مجالها في أقوام ثانية، وقد تكون الصنعة هي مجالها في أقوام ثالثة.

ومهما كان مجال الوفاء بهذه الوظيفة فإن المؤكد -وفق منهج الإسلام- أن تكون الطرق والأساليب والأدوات المستخدمة من أحدث ما وصل إليه العقل البشري في العصر.

وبناء عليه، قد تكون عمارة الأرض في عصرنا هذا في غزو الفضاء، وقد تكون في علوم الذرة، وقد تكون في الهندسة الوراثية، وقد تكون في غير ذلك من مجالات التقدم العلمي والتقني، ومن ثم يكون كل هذا واجبًا على المسلم أن يأخذ به في كدحه لعمارة الأرض، على أن يحتكم في كل قول أو عمل في سعيه هذا إلى منهج الله.

والشوى والعدل والإحسان حقائق ثابتة في منهج الله.

قال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] .

وقال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] .

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: ٩٠] .

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨] .

أما كيفية تطبيق هذا كله فقد تركت للاختيار مع الالتزام بالإطار العام للمنهج. فصورة تطبيق الشورى -مثلًا- يمكن أن تتم بأكثر من طريقة، إذ يمكن أن تكون الشورى لأهل الحل والعقد، ويمكن أن تكون الشورى لذوي الاختصاص في موضوع المشورة، ويمكن أن يختار من يستشار بواسطة الجماهير فالتطبيق يختلف حسب مقتضيات الحال.

<<  <   >  >>