للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي]

...

١- أن يراعي الاختيار والتنظيم خبرات المتعلمين السابقة، وطبيعتهم ووظيفتهم وخصائصهم العقلية والنفسية والجسمية ومستوى نضجهم، ويفي بمتطلبات نموهم وبحاجاتهم. من المعروف أن المتعلمين يأتون إلى المدرسة بحصيلة من الخبرات التي اكتسبوها من مصادر مختلفة، منها: مناهج التعليم السابقة والأسرة والبيئة المحلية. وتختلف هذه المصادر في ثرائها ومدى تأثيرها في المتعلم، كما يختلف عمقها واتساعها من المتعلم لآخر. ومن هنا كان من بين مهمات القائمين على تنظيم خبرات المنهج أن يقفوا على حصيلة هذه الخبرات التي سوف يؤسسون عليها تنظيمهم. ومدى تنوعها ومدى اختلاف مستوياتها بين المتعلمين. وخصائص المتعلمين هي -أيضًا- من أهم منطلقات تنظيم خبرات المناهج. فذكاء الفرد وقدراته العقلية الخاصة وميوله وحاجاته واستعدادته، وما يقبل عليه بشوق وما يدبر عنه بصدود، ومدى احتماله لبذل الجهد البدني, ومدى حاجته في كل مجال من مجالات النمو الجسمي والعقلي والوجداني، ونظرته إلى الإنسان والكون والحياة والمستقبل والمجتمع. كل هذه العناصر من بين الأسس التي يبنى عليها "تنظيم المنهج الدراسي" كما أن الفروق الفردية بين المتعلمين في كل من مجالات النمو الروحي والعقلي والنفسي والجسمي وفي النضج في هذا النمو من بين هذه الأسس.

ولقد كان الوفاء بجميع ما ذكر فيما سبق أمرًا ميسورًا في الماضي. أما اليوم فقد أصبح أمرًا بالغ التعقيد. فما كان مسلمًا بصحته في الماضي أصبح اليوم محفوفا بالمخاطر. فعلى سبيل المثال كانت التغذية المتوازنة من عوامل النمو الجسمي السليم، والتوازن هنا يعود إلى مجرد الوفاء المتوازن بين العناصر الغذائية كما ونوعا. اليوم أصبح هذا غير كاف، إذ إن كمية منشطات النمو التي تستخدم للإسراع بنمو النباتات والفواكه والطيور والحيوانات، وكمية المبيدات التي تستخدم في مقاومة الآفات الزراعية تجعل مسببات الأمراض تكمن في المنتج النباتي أو الحيواني. كما أصبح التلوث السمعي والبصري والصحي يلاحق الإنسان حيثما ذهب, نتيجة لما تفرزه المصانع والسيارات ومركبات الفضاء والمحروقات وغبار التجارب على الأسلحة وغيرها. وهذا كله يضع أعباء جديدة على المناهج بأن تساعد المتعلم على النمو الجسمي السليم في هذا الخضم من مقاوماته.

ولم يعد النمو الوجداني متوقفا على المؤثرات عليه من بيئة الفرد الأسرية والمجتمعية، ولكن امتدت المؤثرات إلى أقصى مدى وصلت إليه ثورة الاتصالات التي غطت الأركان الأربعة للكون. وبذلك وصلت للفرد هموم العالم كله، كما أن الإيقاع السريع للأحداث وعدم استقرار الأمن بالنسبة للفرد والمجتمعات على السواء

<<  <   >  >>