للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثاني: الأسس العامة لتخطيط المنهج الدراسي]

[مقدمة الباب الثاني]

النظام التربوي هو أحد أنظمة المجتمع التي تتكامل مع نظمه الأخرى, مثل النظام السياسي والنظام الاقتصادي والنظام العسكري، ويتناغم معها للمحافظة على استقرار المجتمع, ودفع حركته نحو احتلال موقع متقدم في ركب التقدم.

ولما كان التسارع هو سمة التغير المجتمعي المعاصر فإنه -غالبًا- ما يصاحبه تخلخل ثقافي قد يؤدي إلى تخلخل ثقافي في المجتمع، ما لم يتنبه إلى هذا القائمون على النظام التربوي في المجتمع, فيحاولوا بذل جهد مركز لوقاية المجتمع من هذا التخلخل.

وتتحق الوقاية من التخلخل والحماية من الغزو الذي يصاحب التغير المجتمعي، عن طريق جهود تربوية تعمل على ترسيخ قيم المجتمع وإحداث التكامل بينها وبين التطورات المعاصرة. فقيم المجتمع هي المقومات التي تقيه من التفكك، وتشكل صمام الأمان بالنسبة لما قد يصيب المجتمع من هزات.

ويتطلع التربويون إلى المناهج الدراسية كي تقوم بهذه الوقاية. ويتم هذا بأن يحدد القائمون على أمر المناهج في المجتمع الأسس التي ينبغي أن يبنوا المناهج عليها, بحيث تجمع بين خاصتين لا بد من الوفاء بهما لوقاية المجتمع من التفكك أو التخلخل: الأولى، هي المحافظة على قيم المجتمع، فهذه القيم هي الهيكل الخرساني الذي يحمي بناء المجتمع من أن ينفرط عقده. والثانية، هي مواكبة التقدم الحضاري المعاصر. والأولى تضع الثانية في إطارها الصحيح وكلتاهما تعملان على إيجاد الطاقات اللازمة لتقدم المجتمع واستثمارها وفق مقتضيات العصر. بمعنى أنه لا تعارض بين التمسك بالقيم ومواكبة التقدم المعاصر، بل إن التقدم الذي يأخذ قيم المجتمع في الاعتبار هو الأكثر تأثيرًا والأكثر إسهاما في دفع المجتمع إلى منصة الانطلاق الحضاري.

ويتناول المؤلف في هذا الكتاب تلكم الأسس العامة التي ينبغي أن تراعيها المناهج الدراسية في المجتمع المسلم. فالمجتمع المسلم يهدف إلى تربية أبنائه تربية إسلامية، ومن ثم تصبح خصائص هذه التربية من الأسس المهمة التي ينبغي أن تراعيها المناهج الدراسية. وكذلك الأمر بالنسبة لخصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي؛ نظرا لتفرد هذه الخصائص وضرورتها للبنية الثقافية للمسلم، والتوجيه الإسلامي للعلوم، من حيث إنه ضروري لحماية أبناء الأمة من الغزو الثقافي. ومن ثم يرى المؤلف أن يكون أيضًا من الأسس المهمة للمناهج الدراسية، يضاف إلى ما سبق التطورات التربوية المعاصرة؛ وذلك لأن الفكر التربوي والتطبيقات التربوية في مجال المناهج الدراسية في تطور مستمر -في الوقت الحاضر- ولا يمكن أن يخطط منهج دراسي على أسس متطورة دون استثمارها في عملية التخطيط.

<<  <   >  >>