إنه لمن دواعي الأمن النفسي للفرد، والأمن في المجتمع على اختلاف طوائفه وطبقاته أن يعتقد الناس ويقر في قلوبهم أن ما عندهم من عرض الدنيا فإن الله مصدره، وأنه استخلفهم فيه لينفقوه في أبواب البر والخير وفق المنهج الذي بينه لهم، سواء أكان هذا العرض مالا أم غيره، فمثلًا لقد حدد الحق -تبارك وتعالى- بوضوح وجوه إنفاق المال, وأبان مهماته في الحياة بما يحفظ التكافل الاجتماعي، وبين أسس الأمن الدائم والمستقر في المجتمع. ومن أمثلة هذه الأسس ما نجده في قوله تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الحشر: ٧] .
ومن أهم أسس التكافل الاجتماعي أن يكون الناس جميعهم شركاء في عناصر الحياة المهمة. وهي الماء والكلأ والنار.
ولقد بين الإمام على -رضي الله عنه- أن عمارة الأرض -التي تعود على الرعية بالخير والتنمية- مقدمة على جمع الخراج. وذلك حين كتب إلى بعض ولاته يقول:"ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة ومن طلب الخراج من غير عمارة خرب البلاد وأهلك العباد""٨، ٤٩".
وهكذا تكون مصارف الأموال العامة قنوات لتحقيق التكافل الاجتماعي والعناية بالتنمية الاقتصادية. ولقد حذر الله المسلمين من الإسراف في إنفاق المال أو اكتنازه أو أكله بالباطل. فلا ينبغي أن يسرف المسلم فيبدد ماله وتدفعه الحاجة للسؤال, كما لا ينبغي له أن يكتنزه فلا ينتفع به بالمثوبة على إنفاقه في أبواب الخير