للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادسًا: متابعة الاجتهاد

يعني الاجتهاد في اللغة بذل الطاقة والوسع في تحقيق أمر من الأمور مستلزم للكلفة والمشقة، أما الاجتهاد عند علماء الأصول فهو استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحسن من النفس العجز عن المزيد فيه "١٩، ١٦٢/ ٤".

ولمن يتصدى للاجتهاد. مؤهلات لا مجال للتوسع فيها هنا. ولكن نذكر منها: العلم بالقرآن الكريم ناسخه ومنسوخه, وآيات الأحاكم ومواقعها من السور. والعلم بالسنة النبوية المطهرة القولية والفعلية والتقريرية. ويسبق ذلك الإسلام وما يتضمنه من الإيمان بالله وصفاته. والعلم باللغة العربية؛ لأنها هي التي نزل بها القرآن الكريم وجاءت بها السنة المطهرة. ومعرفة ما أجمع عليه، ومعرفة مقاصد الشارع من الأحكام، ومعرفة استنباط الأحكام من الأدلة "٣، ٩-١٥"، إلى غير ذلك من الشروط الواجب توافرها في المجتهد. وللاجتهاد أركان وشروط وأقسام "١٧، ١١-١٣" كما أن له أنواعًا وأطوارًا "١٧، ٤٠٧-٤٣١" لا نرى أن نتناولها هنا، إذ يكفينا أن نشير إليها حتى يتبين للقارئ خصائص الاجتهاد ومقوماته.

والمعلوم أن الاجتهاد ظل مزدهرًا حتى منتصف القرن الرابع الهجري، حينما بدأ يتضاءل رويدًا رويدًا حتى حصلت الحالة التي سميت "سد باب الاجتهاد"، الأمر الذي أردى الأمة الإسلامية في مهالك كثيرة، بل فيه مخالفة لطبيعة هذا الدين، فمن آثار ذلك تراجع الشريعة عن مواكبة متطلبات الحياة اليومية لمختلف المجتمعات الإسلامية، مما ساعد على ظهور فصل الدين عن الدنيا في بعض هذه المجتمعات "المسلمة" "١، ٤٦".

وإذا مما نظرنا في مصالح الناس وما يتفق منها مع عاداتهم وأحوالهم وأخضعنا كل ذلك للقواعد العامة وأدلة الأحكام الكلية في هذه الشريعة لاستراح الناس واطمأنوا. ولم يقع هذا الفصل الذي نراه في بعض الدول الإسلامية من الفصل بين الدين وواقع الحياة "١٧، ١٥٥".

فينظر علماء أمتنا فيما يحقق الخير والمصلحة لهذه الأمة في ظل هذه الشريعة الخالدة. وبهذا نجعل صلاح الشريعة لكل زمان ومكان واقعا مستقرا في حياتنا يتسع لما جد من وقائع، ويستظل بظلها الناس أجمعون.

<<  <   >  >>