للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ- مرحلة التكوين:

إذا فهمنا التربية بأنها -في جوهرها- عملية مقصودة لتنميه الفرد وتوجيه سلوكه بهدف تحقيق أهداف معينة، وأن المؤسسات التربوية ينبغي أن تتخذ كافة السبل لإحداث تلكم التنمية وذلكم التوجيه، فإنا نجد أن نظرة الإسلام إلى تربية الفرد غير مسبوقة في أنها بدأت العناية بالفرد قبل تكوينه في حين وجهت اهتماما خاصا إلى مرحلة التهيئة للتكوين السليم قبل الزواج، حيث يتم فيها اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، والأساس الأول للاختيار في الحالين -وفق نظرة الإسلام- هو التمسك بمنهج الله. فقال قال -صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". "متفق عليه".

وقال -صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، وإلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". "رواه الترمذي".

وإذا كان كل من الزوجين على دين، فإن كل طرف منهما سوف يتقي الله في معاملته للطرف الآخر. وفي رعايته له، وفي تربية أولاده، وفي التعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي البعد عن المحرمات مثل شرب المسكرات وتبديد المال والتحيز لبعض الأولاد، إلى غير ذلك من دروب التمسك بالعمل الصالح، والبعد عن جميع ما يحيد عنه. وأسرة هذا شأنها تكون منبتا حسنا للأولاد.

إضافة إلى ما تقدم. فإن العلم الحديث يضيف كل يوم جديدًا لأثر الوراثة التي يورثها الآباء والأجداد والأسلاف للأولاد من حيث الخصائص الجسمية والأمراض، وغير ذلك من مكونات الشخصية. وهذا يوضح الحكمة من توجيه الله للمسلمين إلى دقة الاختيار، والاختيار من ذوي الدين لما لذلك من أثر في نقاء الجسم والعقل والنفس من الأدران، والبوائق.

ومن أهم جوانب حرص الإسلام على تكوين الجنين تكوينا سليمًا أن خص المرأة الحامل بحقوق تكفل لها الراحة البدنية والنفسية. والتغذية المناسبة، والرعاية الصحية الملائمة. كما رخص للحامل بالفطر في رمضان مع القضاء عند الاستطاعة.

وغير ذلك من الحقوق التي نبعت من مفهوم الإسلام عن الإنسان والكون والحياة، والتي تهيئ للجنين التكوين السليم.

<<  <   >  >>