للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثانيا: ثاتبة أصولها، مرنة تطبيقاتها]

...

ثانيًا: ثابتة أصولها، مرنة تطبيقاتها

هناك أصول ثابتة في الإسلام لا مجال للتغيير فيها؛ لأنها تشكل البنية الأساسية والقواعد الراسخة للدين الحنيف، ومبلغ سعي المسلم بالنسبة لهذه الأصول أن يتفهمها ويستوعبها ويطبقها.

ومن خصائص هذه الأصول الثابتة أنها توافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها؛ لذلك فإنها الأساس السليم للمنهج الذي يهدي الناس كافة في حياتهم الدنيا إلى حياتهم الآخرة. وقد حدد سبحانه وتعالى هذا المنهج تحديدًا وافيًا؛ لأنه -لسابق علمه بخلقه- يعلم أن الإنسان لا يقدر على إيجاد منهج شامل ثابت كامل لحياته.

وقد قال تعالى عن موافقة هذا المنهج للفطرة: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠] .

وقال تعالى عن شموله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] .

وقال تعالى عن إحاطته بالتفاصيل: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: ١٢] .

قال تعالى عن ثباته: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٢] .

{وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: ٤٣] .

وتوجيها لاتباع هذا المنهج كما هو، وتحذيرًا من الحيود عنه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣] .

وقيمة "الثبات" هي وجود الميزان الثابت الذي يرجع إليه "الإنسان" بكل ما يعرض له من مشاعر وأفكار وتصورات، وبكل ما يجد في حياته من ملابسات وظروف وارتباطات فيزنها بهذا الميزان الثابت. ليرى قربها أو بعدها من الحق والصواب، ومن ثم يظل دائمًا في الدائرة المأمونة لا يشرد إلى التيه الذي لا دليل فيه من نجم ثابت، ولا من معالم هادية في الطرق. "١٩، ٧٦-٧٧".

<<  <   >  >>