للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن هذه الأصول لا تعيق حركة الحياة ونموها، ولا تقيد انطلاقها واستجابتها لمتغيرات الزمان والمكان والبيئة والمعرفة، وشتى المتغيرات التي تطرأ على الإنسان والحياة والكون؛ وذلك لأن الثوابت تتعلق بالكليات والمضامين الأساسية، وتترك للإنسان درجات من الحرية في التطبيق كافية لمواجهة المتغيرات في شئون حياته داخل أطر الثوابت.

وإنه لمن إعجاز منهج الله أن هذه الأصول الثابتة لا تتعارض مع حركة الحياة، بل تهديها إلى الصراط المستقيم، وتجعل منها مصدر خير وسعادة للبشرية جمعاء في كل الأزمنة, وفي شتى بقاع الأرض وفي مختلق مسافات سعي الإنسان في حياته. ومن إعجاز هذا المنهج أيضا أنه شامل لكل شيء ومتكامل في ذاته، في نسيج عجيب كل عروة فيه تكمل الأخرى في تجانس رائع يليق بجلال صاحب الصنعة -سبحانه وتعالى- ومن ثم لا يقبل زيادة أو نقصانًا، ومع ذلك، فإن هذه الأصول الثابتة، هي ذاتها حافز ومنطلق لحركة الحياة بكل أبعادها نتيجة لمرونة تطبيقاتها.

والتربية الإسلامية تستمد مقوماتها من هذا الدين، فتتخذ من منهجه في الثوابت والمتغيرات أساسًا لها، وتعمل على تبيان الثوابت وترسيخها وتجذيرها في وجدان الفرد، كما تعمل على تجلية طبيعة هذه الثوابت من حيث إقدارها للفرد على مواجهة مواقف الحياة المتغيرة، كما تعمل على تبيان المرونة المتوافرة في التطبيق لبعض هذه الأصول في داخل إطارها، ومع المحافظة التامة على جوهرها، وتوظيف هذه المرونة في مواجهة المتغيرات في الحياة, وأن هذه المرونة هي من دلائل قوة هذا المنهج, وحيويته في مواجهة المستحدثات في الكون.

فمن المصادر الثابتة لمنهج الإسلام الحقائق التالية:

- حقيقة وجود الله وسرمديته ووحدانيته وهيمنته وتدبيره لأمر الخلق وطلاقة مشيئته.

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦] .

وقال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٥] .

<<  <   >  >>