للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادسًا: العلم يرفع قدر طلابه عند الله

لقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان وأودع فيه من القدرات والحواس والأجهزة ما يساعده على التعلم، وحثه على التدبر والتفكر في الخلق وفي نفسه، وحثه على أن يجعل من الكون كله مدرسة يتعلم منها، ومبتكرًا يبتكر فيه ما شاء الله أن يفعل، ومعملًا يجرب فيه للوصول إلى كشف كل جديد. ولم يقف الإسلام عند هذا، ولكنه وضع العلماء الذين يسخرون علمهم لنشر منهج الله وتثبيته، ويبتغون فيما يعلمون فضلًا من الله ورضوانًا في مكان علي.

يبين لنا "مختصر تفسير الطبري" أن لحق تبارك وتعالى يوضح فضل العلم حين يوجه نبيه المصطفى بأن يبين للمشركين أن من يعلمون ما لهم في طاعتهم من الثواب وما عليهم في معصيتهم من العقاب لا يستوون مع الذين لا يعلمون ذلك، فهؤلاء يخبطون خبط عشواء، وإنما يعتبر بحجج الله ويتدبرها أهل العقول والحجا، لا أهل الجهل ونقص العقول، وذلك في قوله جل شأنه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: ٩] .

ويبين لنا "مختصر تفسير الطبري" أن الله تبارك وتعالى يبين لنبيه محمد أن المتمكنين من العلم, الذين رسخ العلم في قلوبهم يعلمون أنه رسول الله، وذلك في قوله عز وعلا: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} [لنساء: ١٦٢] .

وهكذا توضح لنا الآيات الكريمات أن للعلم فضلًا في إنارة البصيرة والكشف عن غيوم الجهل، والوصول إلى الحقيقة.

وقد يبين رسول الإسلام أن طلب العلم عمل في سبيل الله، في قوله -صلى الله عليه وسلم: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع". "رواه الترمذي".

بل وضع الرسول طالب العلم في موضع أفضل من العابد. وذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم- عن أبي الدرداء، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهما وإنما ورثوا العلم. فمن أخذه أخذ بحظ وافر". "وراه أبو داود والترمذي".

قال -صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم". "رواه الترمذي".

<<  <   >  >>