للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب: بالنسبة للتطورات المعاصرة في المجال

كما ذكرنا من قبل، تشهد مختلف العلوم نهضة وتطورا غير مسبوقين، ولا فكاك لمخططي المناهج من ملاحقة هذا التطور محافظة على المناهج من التخلف.

فإذا قارنا مناهج الفيزياء -على سبيل المثال- في الصف الثاني الثانوي اليوم بما كانت عليه هذه المناهج من قبل سنوات قليلة سوف نلاحظ فروقًا كبيرة بين هذه المناهج في الحالين, نتيجة للتطورات التي حدثت في مجال الفيزياء، بل إن علومًا فيزيائية جديدة قد ظهرت مثل الفيزياء النظرية والفيزياء الذرية والفيزياء النووية ففرضت نفسها على المناهج الدراسية في مختلف مستويات التعليم وأنواعه.

وكذلك الأمر بالنسبة للرياضيات، فعلى سبيل المثال، لقد رحل عن عالم الهندسة، هندسة إقليدس التي احتلت المناهج الدراسية قرونا من الزمان، وظهرت علوم هندسية جديدة مثل الهندسة الوصفية وهندسة التحويلات، أما الجبر فقد ظهر فيه أنواع جديدة مثل الجبر الخطي وغير الخطي والجبر الاكتواري، وغير هذه من التطورات الكثيرة، حدثت في مختلف فروع الرياضيات.

ولكن التطور الأهم في مجال الرياضيات هو ما حدث من تطور في بنيتها, وما صاحب هذا من لغة جديدة. فظهرت البنية الرياضية التي أساسها مفهوم المجموعة والتي بناء عليها تمكن الرياضيون من الوصول إلى المفاهيم البنيوية المتدرجة مثل مفهوم الزمرة ومفهوم الحلقة، ومفهوم الحقل. مثل هذه البنى كونت أطرًا جمعت مختلف فروع الرياضيات، وصاحب هذا التطور لغة جديدة ورموز جديدة للتعبير عنه، وهذه مجرد أمثلة.

ومن الجدير بالذكر أن هذه المفاهيم الجديدة التي كان لا يدرسها سوى الطلاب المتخصصين في الرياضيات في المستوى الجامعي، أصبحت من بين خبرات المناهج الدراسية في المرحلتين الإعدادية والثانوية، بل إن بعضًا منها يقدم الآن بالمرحلة الابتدائية، وهذا يوضح إلى أي حد تؤثر التطورات الحديثة في العلوم على المناهج الدراسية، الأمر الذي يلقي على كاهل مخططي المناهج الدارسية عبء متابعة هذه التطورات, والحرص على مواكبة المناهج لها.

ولم يتوقف التطور في العلوم عند العلوم البحتة والعلوم التطبيقية، ولكنه تعداها إلى العلوم الاجتماعية أيضًا, إذ شهدت هي الأخرى تقدمًا كبيرًا، ليس فقط في المحتوى ولكن في المنهجية كذلك. ومن أهم ما يلاحظ عليها أنها أصبحت تستخدم المنهج العلمي التجريبي، كما أنها صارت تستخدم الأساليب الإحصائية بتركيز أكثر من ذي قبل.

وملاحقة واهتماما بهذا التطور، نجد الجماعات المهنية والمؤسسات التربوية، والمتخصصين في مختلف المجالات والمعنيين بمناهجها، يتابعون هذا التطور ويعقدون المؤتمرات, وينظمون الندوات واللقاءات لتبادل الرأي حول كيفية استثماره في المناهج الدراسية. إضافة إلى استشراف ما يمكن أن يحدث في المسقبل القريب والبعيد من تطور في هذه المجالات.

<<  <   >  >>