للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] .

وقال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٥٠] .

وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] .

وجوهر تصور خاصة العالمية والشمول وارتباطها بالربانية إنما يمكن تلخيصه في أن أمر الكون والحياة والإنسان والأحياء والأشياء يرجع إلى إرادة الذات الإلهية السرمدية الأبدية المطلقة القادرة دائمًا، الملهمة للصواب أبدًا، وتكون عقيدة التوحيد هي البوتقة التي ينصهر فيها كل هذا.

ويبين لنا سيد قطب في كتابه "نحو مجتمع إسلامي" أن مرد ذلك كله إلى عقيدة التوحيد في قوله:

إن عقيدة التوحيد -بكل إشعاعاتها- تسيطر وتؤثر في مقومات النظام الاجتماعي الإسلامي، توحيد الله المطلق بلا شبهة من شرك أو تعدد، وتوحيد إرادة الله في الخلق والحفظ والضبط والحساب، وتوحيد الوجود الحادث عن توجه الإرادة الواحدة، وتوحيد الحياة في مصدرها وطبيعتها ومقوماتها، وتوحيد البشرية في مصدرها وأصلها ونشأتها وفي أجيالها وأهدافها ومصائرها، وتوحيد الدين على أيدي أمة الرسل -وهم أمة واحدة- وتوحيد الأمة المؤمنة وهي تشمل كل من آمنوا برسول الله قبل أن يرسل أخوه بعده من لدن آدم إلى خاتم المرسلين، وتوحيد الطبيعة البشرية في اعتبارها وتوجيهها، وتوحيد العقيدة والعمل والعبادة والسلوك: وتوحيد الدنيا والآخرة في التوجه إلى الله "٢٠، ١٤٢-١٤٣".

ويضيف سيد قطب قوله:

... والواقع أن العقيدة الإسلامية واضحة الأثر في كل جزئيات النظام الإسلامي، ما قرب من هذه العقيدة من الظاهر كالعبادات والأخلاق، وما بعد عنها في الظاهر كالمعاملات المالية والارتباطات الاقتصادية، والعلاقات السياسية داخلية أو دولية، بحيث يصعب إدراك طبيعة أي جانب من هذه الجوانب المتعددة وفهمها فهما حقيقيا بدون دراسة العقيدة الإسلامية، وفكرة الإسلام عن الكون والحياة والإنسان، ثم الربط بين هذه الفكرة الكلية وبين أي جانب من الحياة في الإسلام، فردية كانت أو عائلية أو جماعية أو دولية. "٢٠، ١٤٢".

<<  <   >  >>