للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة هذا الكون, على تنوع المظاهر والأشكال والأحوال، والوحدة هي حقيقة الحياة والأحياء, على تنوع الأجناس والأنواع. والوحدة هي حقيقة الإنسان, على تنوع الأفراد والاستعدادات، والوحدة هي غاية الوجود الإنساني، وهي العبادة، على تنوع مجالات العبادة وهيئاتها، وهكذا حيثما بحث الإنسان عن الحقيقة في هذا الوجود ... "١٩، ١٠٧".

ومن أهم صور الشمول في الإسلام رد الكون كله من حيث نشأته وتسييره وتفاعلاته وتغيراته وعدمه إلى إرادة الذات الألهية السرمدية الأزلية الأبدية المطلقة.

فالله سبحانه هو الذي خلق هذا الكون ابتداء، وهو الذي يحفظ ما هو محفوظ فيه، وهو الذي يغير ما هو متغير فيه، وكل حركة أو سكون فيه لا تكون إلا بأمره، فهو القاهر فوق عباده، ويعلم كوامنه وأسراره، ويكشف ما يشاء منها لعباده، فمثلًا:

هذه الحياة كيف انبثقت من المادة الميتة؟ وكيف سارت -وتسير- سيرتها هذه العجيبة المحوطة بآلاف الموافقات والموازنات والتقديرات المرسومة المحسوبة بهذا الحساب الدقيق "١٩، ٩٢".

ولننظر إلى هذه الأجرام السماوية والمجموعات الشمسية التي تتحرك في أنساق متآلفة دون خلل, وفي توافق عجيب مع حركة الأرض وجاذبيتها, وما أودع الله فيها من حبال وبحار وأنهار وبراكين وزلازل.

ولننظر إلى تركيب جسم الإنسان وأجهزته الهضمية والتنفسية، والإخراجية التي تعمل في تناغم عجيب وإنسجام بديع فيما بينها، وبينها من ناحية والحواس من ناحية أخرى. والقدرة الفائقة للإنسان على التكيف لمختلف الظروف البيئية في العالم. والملاحظة نفسها تنطبق على الحيوان والنبات.

إن الكون مليء بدلائل قدرة خالقه, ابتداء ومسير كل شيء فيه، وفي القرآن دلالات كثيرة لشمول سيطرة الله على هذا الكون سيطرة شاملة كاملة.

قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] .

وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩] .

وقال تعالى: {سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: ٣٥] .

<<  <   >  >>