للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} [الرعد: ٣٣، ٣٤] .

وقال تعالى عن المنافقين والكفار: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [التوبة: ٦٨] .

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] .

ومن أهداف هذا الترغيب في الجنة والترهيب من النار حفز الإنسان على التمسك بمنهج الله في الحياة الدنيا، وتربية وازع ديني وإرادة ذاتية نابعة من نفسه, تحثه على الاستقامة على هذا المنهج وتوجيهه إلى السير وفقه في جميع شئون الحياة.

وهكذا يقيم المنهج الرباني الإنسان رقيبًا على نفسه، فلا يتلبث بمعصية في غفلة من مراقبيه كما يحدث في المناهج البشرية الموضوعة، ولا يتحايل على رقابة الغير كي يفلت من قبضة القوانين. ولكنه يحاسب نفسه بنفسه، ويلزم نفسه بنفسه، ويراقب نفسه بنفسه، ويزن أعماله في الدنيا قبل أن توزن عليه

في الآخرة، فهذه فتاة تقول لأمها التي أرادتها أن تخلط اللبن بالماء ما دام أمير المؤمين لن يراهما: "إذا كان أمير المؤمنين لا يرانا فإن الله يرانا".

وهكذا تتكامل الحياة في الدارين. فالعمل في الأولى يحدد نوع الحياة في الأخرى، والحياة في الثانية تجعل من الإنسان رقيبًا على نفسه حسيبًا لأعماله في الأولى.

ومع أن الحياة الآخرة نعيم مقيم للطائعين، وأنها محط البشر جميعًا، وأن الحياة الدنيا معبر إليها، ومع أن العمل الصالح في الدنيا أساس النعيم في الآخرة, إلا أن التوازن والاعتدال في العمل لكل من الحياتين مطلب أساسي في التربية الإسلامية. نستبين هذا من قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: ٧٧] .

<<  <   >  >>