للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفريضة؛ لأنه يمكن الإنسان من الوقوف على دلالات التوحيد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

واستخلاف الله -سبحانه وتعالى- للمسلم في عمارة الأرض يجعل العلم فريضة عليه. فعمارة الأرض لا يقف مداها عند حدود زمنية أو مكانية. بل هي ممتدة بامتداد الأزمنة كلها، منتشرة بانتشار الأمكنة كلها، بمعنى أن المسلم مطالب بعمارة الأرض حيثما يكون ووقتما يكون.

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النور: ٥٥] .

قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: ٦١] .

وغني عن القول أن العمارة ينبغي أن تتم باستثمار معطيات البيئة وفق مقتضيات العصر. فلكل عصر علومه وتقنيته التي ينبغي أن يتعلمها المسلم لكي يعمر بها الأرض. فمثلًا، عصر البخار وعصر الكهرباء وعصر الذرة، وعصر الفضاء والهندسة الوراثية, علومه وتقنيته التي لا يمكن عمارة الأرض فيه واستثمارها الاستثمار الأمثل، ما لم يلم الإنسان بهما.

ولكل بيئة مصادرها الطبيعية التي تحدد نوع العلم والتقنية اللازمة لاستثمارها. فالبينة الزراعية تحتاج -على سبيل المثال- إلى علوم تحليل التربة واستنباط البذور والتسميد ومقاومة الآفات وترشيد استهلاك المياه والمحافظة على البيئة من التلوث, وتسويق المحاصيل والتصنيع الزراعي، واستنباط البذور وإنتاج الجديد باستخدام الهندسة الوراثية، ومقاومة التصحر.

أما حاجة استثمار البيئة التجارية من العلوم والتقنية، فتختلف عما سبق ذكره إذ ستحتاج علم وتقنية إدارة الأعمال والمحاسبة والدراسات الخاصة بحاجات الأسواق المحلية والخارجية للسلع، وبمستوى الجودة، وبمتابعة حركة السلع المنافسة، وبآليات التسويق ومهاراته.

وبذلك يصبح اكتساب الخبرات اللازمة لعمارة الأرض وفق علوم العصر وتقنيته في مجال معين من مجالات مصادر البيئة فرض عين على من يقوم بواجب عمارة الأرض في هذا المجال. فالعلم إما أن يكون فرض عين على المسلم وإما أن يكون فرض كفاية، أي: إنه فرض على أي حال.

<<  <   >  >>