للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان لا يهتدي فيها إلى الحق من تلقاء نفسه، والتي لا تستقيم فيها الحياة على وجهها السليم إلا بمقررات ثابتة من عند الله المحيط بكل شيء علمًا.

وثانيهما: العقل البشري، وأدواته في تفاعله مع الكون المادي نظرًا وتأملًا وتجرية وتطبيقًا في الأمور التي تركها الله العليم الحكيم لاجتهاد هذا العقل وتحاربه بشرط واحد، هو الالتزام التام فيها بالأحوال العامة الواردة في شريعة الله المنزلة بحيث لا تحل حرامًا ولا تحرم حلالًا، ولا تؤدي إلى الشر والضرر والفساد في الأرض.

ونحن، وإن كنا قد بينا أن للعلم في الإسلام مصدرين: أحدهما موحى به والآخر مكتسب، فإن الهدف هنا ليس تقسيم العلم إلى شقين آحدهما للدين والآخر للدنيا، وأن أحدهما منعزل عن الآخر، وأن الأول وظيفته في الحياة تختص بأمور معينة فقط مثل الدعوة والعبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأن الثاني يتولى شئون حياة الناس وحل مشكلاتهم, وهذه الفكرة وإن أصبحت شائعة في كثير من الأنظمة التعليمية في بلاد المسلمين, إلا أنها دخيلة على مفهوم العلم ووظيفته في الإسلام. بل إن تسربها إلى نظم التعليم في بلاد الأمة الإسلامية شطر نظام التعليم داخل كل بلد تأثرت بها إلى نظامين للتعليم: أحدهما ديني والآخر مدني، وأدى هذا إلى تقسيم علماء الأمة إلى علماء في "العلوم الدينية" وآخرين في "العلوم المدنية أو الدنيوية". فانشطر شباب الأمة أيضًا شطرين, كل شطر ينتمي إلى أحد النظامين. وكأن الدين منقطع الصلة بالحياة الدنيا، وكأن العلوم المدنية لا صلة لها بالدين.

هذا الوبال نتج عن الجهل بمقومات العلم في الإسلام, فطبقًا لفطرة الإسلام كل علم يهدف إلى خدمة البشرية, ويوجه الفرد إلى أن يسلك في مختلف جوانب حياته في القول والعمل -وفق منهج الإسلام- هو علم إسلامي. وفي الإسلام تتحمل جميع العلوم -الموحى بها والمكتسب- مسئولية تربية الفرد تربية إسلامية تعده لكي يعمر الأرض ويحل ما أحل الله وينهى عما نهى عنه.

ويقول أحمد العسال عن شمول العلم وارتباط بعضه بالبعض الآخر:٣، ٦٠] .

كما أن شمولية العلم وارتباط بعضه بالبعض الآخر، وأن الحقيقة الكونية والإنسانية والاجتماعية منبثقة من عقيدة التوحيد، ومن الإيمان بالله الواحد الخالق المدبر، عالم الغيب والشهادة، قضية يجب أن تكون واضحة ومفهومة ولا يماري فيها إلا من ينكر البدهيات أو يعمى عن ضوء الشمس، وأن الفصام النكد الذي حدث نتيجة التفكير المادي والدنيوي الذي تسرب إلى مجتمعات المسلمين على حين غفلة أو ضعف يجب أن ينتهي وتصفى آثاره، وأن العلوم كلها في الإسلام يقصد بها

<<  <   >  >>