للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما سبق نتبين أن الدراسات المستقبلة أصبحت هدفًا رئيسا في الحياة المعاصرة بالنسبة لجميع المجتمعات. ولكنها بالنسبة للمجتمعات المتخلفة أشد حاجة، وأكثر إلحاحًا لكي تتبين موضعها في مسيرة الأمم، وتتشوف مصيرها في خضم السباق المحموم المعاصر، وتستشرف خططها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية في ضوء الاحتمالات العلمية للمستقبل. وعالمنا الإسلامي بعامة والعربي بخاصة في حاجة -اليوم- إلى هذه الدراسات أكثر من أي وقت مضى، إذ يبدو أن الكيانات الكبرى التي بدأت تتكون من حوله، أصبحت تتمتع بالقوة الشاملة تربويا واقتصاديا وعلميا وعسكريا، وما لم تحقق بلادنا هذه القوة فإنها ستظل سوقًا لغيرها ومطمعًا لهم.

وفي المجال التربوي على وجه الخصوص، تكون الدراسات المستقبلة المستندة على واقع الأمة، وهي أساس التخطيط التربوي عمومًا، وتخطيط المناهج خصوصًا.

فلم يعد المعنيون بالتربية يتساءلون عن حاجات الفرد اليوم، ولكنهم يتساءلون عن حاجات الفرد والمجتمع في القريب العاجل والبعيد الآجل، ومن هنا ينطلقون إلى اختيار الخبرات التربوية.

ومن بين ما يمكن أن تتصدى له المناهج في هذا الصدد تنمية طرق التفكير العلمي، وأسلوب حل المشكلات، ودراسة الاحتمالات، والسلاسل الزمنية، ولكن الأهم من الجميع هو وجود الدراسات المستقبلة في المناهج الدراسية. فقد ظهر نوع من المناهج حديثًا يمكن تسميته "منهج المستقبل" ينبع من خيارات حرة في عالم المستقبل تعتمد على دراسة الاتجاهات الحالية، وتقدير الآثار الاجتماعية المترتبة عليها، ومحاولة تحقيق مستقبل جيد بناء عليها, ويرى بعض المؤيدين لهذا المنهج أنه ينبغي "تخطيط المستقبل" وليس" التخطيط للمستقبل" هذا، يسهم في تمكين العالم الإسلامي من أن يدرك ركب التقدم المعاصر، بحول الله.

<<  <   >  >>