للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يبين لنا أن النفس قد تنزع إلى الشر، وذلك في قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: ٥٣] .

وفينا يلي نوضح وجهة نظرنا بالنسبة لمكونات شخصية الإنسان:

أ- الجسم: لا ينظر الإسلام إلى جسم الإنسان على أنه -فقط- مجموعة نامية من الخلايا، وأنها تحتاج إلى غذاء لتنمو وتصح، ومن ثم فإن الواجبات التربوية تجاه التربية الجسمية تنحصر في العمل على اكتساب السلوك الصحيح في المأكل والمشرب والملبس، واكتساب الوعي الصحي والاهتمام بالحواس وبممارسة الرياضة البدنية, والعناية بالأعضاء والاهتمام بوظائفها. ولكن -بالإضافة إلى كل ما سبق- فإن الجسم من وجهة نظر الإسلام يحوي أشياء، أخرى مثل الطاقات التي يوظفها الإنسان في حركته, وفي التعبير عن انفعالاته وعن مختلف مشاعره وأحاسيسه.

يقول محمد قطب في هذا:

ليس المقصود بالجسم في مجال التربية هنا هو عضلاته وحواسه ووشائجه فحسب، وإنما نقصد -كذلك- الطاقة الحيوية المنبثقة من الجسم والمتمثلة في مشاعر النفس. طاقة الدوافع الفطرية والنزوعات والانفعالات.. طاقة الحياة الحسية على أوسع نطاق. "١١، ١٢٦".

ولم يخلق الله الجسم ليكون مجرد وعاء تجمع فيه المكونات الحيوية للإنسان أو مخزنًا للطاقة. ولكن الله -سبحانه وتعالى- حين خلق الجسم بهذه الصورة إنما جعله في أحسن تقويم تكريمًا للإنسان. قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] .

وقال تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: ٦٤] .

فأقام الإنسان على قدمين، وميز كل إنسان ببنانه، ووهبه بيانا بلسانه فاستطاع به أن يفتح آفاقًا رحيبة للاتصال مع غيره من البشر, وهنا تميز الإنسان عن سائر المخلوقات. وفي هذا يقول المبارك: "إذ يميز الله بهاتين الخاصيتين: الأولى، انتصاب القامة وانطلاق اليدين، والثانية اللسان والبيان وتتبعه الكتابة" "١٤، ٢٦١".

ويوجه الإسلام إلى العناية بالبدن، واتخاذ الأسباب التي تحافظ عليه قويا قادرًا على أداء مهامه في السعي في مناكب الأرض ليعمرها، والسعي بين الناس بالإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسعي لتوفير أسباب الحياة له

<<  <   >  >>