ونلاحظ أن الطفل في السنة الأولى من عمره، يكون اتصاله بالعالم الخارجي عن طريق فمه -بالدرجة الأولى- ويكون دور الحواس -باستثناء السمع- ضعيفًا جدا. وحتى السمع في هذه المرحلة لا يؤدي وظيفته بصورة فعاله، إذ أن نسبة كبيرة من الأطفال في هذه المرحلة لا يميزون الأصوات، إلا أصوات من لهم بهم صلة وثيقة مثل الأم، أما حاسة اللمس فإنها لا تؤدي دورها بصورة جيدة، وخاصة في بداية المرحلة. ولذا نجد الطفل يتحسس عالمه الخارجي باللمس باليد عشوائيا, ثم يتحسن بتقدم عمره، وكذلك الأمر بالنسبة للحواس الأخرى.
مما سبق نستطيع أن نستنتج أن أكثر المؤثرات على الطفل في هذه المرحلة هو ثدي المرضعة الذي لا يمده فقط بالغذاء، ولكن أيضًا بالشعور بالأمان. وهنا تتضح حكمة الإسلام في التدقيق في اختيار المرضعة، وفي عنايته الخاصة بحاضنة الطفل في هذه المرحلة، وفي العناية الخاصة بالطفل نفسه، لما لهذه الفترة من تأثير كبير على نموه الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي.
ويستهوي الطفل في هذه المرحلة، الألوان الفاقعة مثل الأحمر والأصفر، وتستهويه الأجسام الكبيرة نسبيا, والأجسام المتحركة حركة بطيئة، كما تستهويه الأصوات المعتدلة ذات الإيقاع المنتظم. لذلك ينبغي مراعاة هذا عند اختيار خبرات المنهج الدراسي.
بناء على ما سبق، فإن عناية مخططي المناهج الدراسية للطفل في هذه المرحلة تتركز بالدرجة الأولى في العمل على توافر التغذية المناسبة والنظافة التامة لجسمه وملابسه وفراشه, والبيئة الصالحة لنموه المتكامل، ووقايته من التغيرات المفاجئة والحادة ومن الأخطار، والعمل على علاج ما قد يظهر من أعراض غير مرغوب فيها، وإحاطته بعوامل الشعور بالأمن والأمان والاستقرار الانفعالي، وتوفير فرص الحركة المناسبة وفرص اكتساب بعض العادات السليمة.