وهكذا تكون عقيدة التوحيد هي العمود الفقري لجسم الأمة الإسلامية. إذ بها يتجمع المسلمون جميعهم حول الإله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس له شبيه ولا ولد، وبهذه الصفات المتفردة يستقر في قلب المسلم -بعقيدة التوحيد- أن الإنسان ليس وحده في مسيرة الحياة، وأن المجتمع المسلم مجتمع رباني، فللفرد حدود في سعيه في الحياة يحددها منهج الله، وللمجتمع حدود يبينها هذا المنهج، ومن يلتزم بهذه الحدود فهو في رعاية خالق الكون، ومن ثم لا يخشى في الحق لومة لائم. فيعمل على إنفاذ منهج الله في الأرض ويسود -بذلك- الأمن والاستقرار والسلام لجميع البشر.
وقبل هذا وبعده، فإن العقيدة تشبع حاجة أساسية عند الإنسان وهي حاجة الإنسان إلى الاعتقاد في قوة لا يحدها شيء، تكون له ملاذا حيث لا ملاذ، وتكون له ملجأ حين يعز عليه الملجأ. ويستمد منها القوة والأمن والأمان، وفي الوقت نفسه يخشاها حيثما يكون وفي أي وقت يكون، في سره وعلنه.
والعقيدة الإسلامية عقيدة شاملة لحياة الفرد كلها دنياها وآخرتها في تكامل وتوازن واعتدال إنها العقيدة التي تتسع فتشمل كل نشاط الإنسان في كل حقول الحياة، وإنها لا تتولى روح الفرد وتهمل عقله وجسده. أو تتولى شعائره وتهمل شرائعه، أو تتولى ضميره وتهمل سلوكه. وإنها لا تتولاه وتهمله جماعة، ولا تتولاه في حياته الشخصية, وتهمل نظام حكمه وعلاقاته الدولية "١٦، ٨".
لذلك فإن هذه العقيدة من أهم، بل أهم خصائص المجتمع المسلم التي ينبغي أن يضعها مخططو المناهج الدراسية في عين الاعتبار, من حيث كون المجتمع مصدرًا من مصادر هذه المناهج، وذلك عن طريق العمل على ترسيخها في أنفس المتعلمين وأفئدتهم واستثمارها في عملية التعليم والتعلم.
أنها تؤسس على العقيدة الإسلامية، وأنها من أسس الدين الحنيف التي تجعل المسلم يحيا وفق ما