للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما وجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى اختيار الصالحين من الرجال أزواجًا لبناتهم، بل إنه أوضح أن المسلمين إذا لم يفعلوا هذا فإنهم سوف يحدثون بذلك فتنة في الأرض، وفسادًا كبيرًا. ذلك في قوله: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، وإن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". "رواه الترمذي".

وهكذا تؤكد التربية الإسلامية أن الحياة الأسرية لا يمكن أن تقوم على المال أو الجمال أو الحسب فقط. ولكن ركنها الركين عند التخطيط لتكوين الأسرة واختيار الزوج أو الزوجة أن يكونا من ذوي الدين, فإن هذا خليق بأن يجعلهما يرعيان الله، كلا منهما في الآخر، وفي نفسه وأهله وأصحابه وماله وجميع شئونه. ومن الملاحظ أن جميع المقومات الأخرى لاختيار كل من الزوج والزوجة مثل المال والجمال والحسب قد تضعف بالتقادم أو بتغير الأحوال. أما الدين فإنه يقوى ويكون أشد أثرًا في سلوك الفرد مع دوام التمسك بالعمل به. ومن هنا، كان أثره أقوى وأدوم. كما أن كلا من الغنى

اوالفقر ليس معيارًا أساسيا في اختيار الزوج أو الزوجة؛ لأن الله وحده هو المغني.

ونلاحظ أن الله -سبحانه وتعالى- قد حرم زواج الأقارب تجنبا لاختلاط الأنساب وضعف النسل، ومحافظة على وئام الأهل ولأسباب يعلمها هو. قال الحق تبارك وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٢٣] .

وقد حرص الإسلام على ألا تكون تكاليف الزواج مرهقة للزوج أو الزوجة. فقد زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته فاطمة -رضي الله عنها- من علي بن أبي طالب, وكان الصداق درع علي الحطمية. فماذا تصنع فاطمة بالدرع؟ وأي قيمة مادية لها؟ هذا دليل على أن الزواج في الإسلام ليس سلعة يشتريها القادرون. بل هو حق مشروع يعان عليه.

ومثال آخر يوضح أن الزواج في الإسلام هدف نبيل لغاية شريفة هي تكوين الأسرة أن يزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلًا امرأة، وكان مهرها هو تعليمه لها ما يحفظ من القرآن.

<<  <   >  >>