للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه يسقى بماء واحد، ودورة الماء وأنساق الكواكب والنجوم، وغيرها من الظواهر الكونية, يطالبنا خالقها بالتدبر في شأنها, ليس فقط لنقف على بديع صنعه ومن ثم الإيمان به واحدًا لا إله إلا هو ولا شبيه ولا مثيل, متفردًا في ربوبيته وألوهيته وصفاته وأسمائه، ولكن أيضًا لتسخيرها وفاء بأمانة عمارة الأرض وفق منهجه، ومن ثم الارتقاء بالمجتمع واستثمار مصادره البشرية والطبيعية على أسس علمية.

ولا بد من أن يقود العلم إلى إعداد القوى البشرية اللازمة للارتقاء بالحياة في المجتمع وفق تنوع مجالاتها وتعدد مستوياتها، ومن يقرأ آيات الذكر الحكيم التي تحث المسلم على التدبر والتفكر والتيقن وغيرها من مرادفات إعمال الفكر يجدها تأتي في مساقات مختلفة, منها الأنهار والبحار. ومنها الجبال. ومنها الرياح، ومنها الكواكب والنجوم، ومنها الأشجار والثمار، ومنها الإنسان نفسه، ومنها الدواب والحيوان، ومنها السموات والأرض، ومنها الشمس والقمر، وغير ذلك من المخلوقات. وفي هذا بيان باختلاف مجالات العلم والتعلم، وميادين اكتساب الخبرة التي ينبغي أن يستوعبها المسلم ويستخدمها في الارتقاء بالمجتمع.

ومن يقرأ تاريخ المسلمين يجد أن الصحابة عليهم رضوان الله، كانوا يحفظون عشر آيات من القرآن ولا يحفظون غيرها إلا بعد أن يطبقوا في حياتهم ما حفظوه. وهذا يبين مدى الالتزام بتطبيق العلم.

والقاعدة الثانية التي يعتمد عليها الارتقاء بالحياة في المجتمع إلى جانب العلم هي العمل. ولعلنا نلاحظ أن العمل من العوامل الفارقة بين الدول المتقدمة والدول المختلفة. ففي الدول المتقدمة نلاحظ اليوم أن ساعات العمل ونظمه ومهاراته وأخلاقياته ومن ثم إنتاجه كما ونوعًا أفضل منها في الدول المختلفة. إضافة إلى هذا فإن العمل في الدول المتقدمة يؤسس على علم حديث وتقنية متقدمة، الأمر الذي يجعل إنتاجه يتمتع بالوفرة الكمية والتميز النوعي.

ومن يتتلمذ على كتاب الله وسنة رسوله، يجد أن العمل وفق منهج الله قد حظى باهتمام بالغ، فالآيات الكريمة التي تحث على العمل كثيرة، وترغيب الله للعاملين وحفزهم عليه مستمر.

ونظرًا لأهمية العمل الصالح فقد اقترن بالإيمان, بل إن العمل الصادق هو ما وقر في القلب وصدقة العمل. فالعمل -إذن- ضرورة إيمانية إلى جانب أنه ضرورة حيوية للارتقاء بحياة الفرد والمجتمع. وفي القرآن الكريم نلحظ اقتران الإيمان

<<  <   >  >>