للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إختصارًا للقول فإن المجتمع المسلم لا يمكن أن يقوم على أسس سليمة دون تحقيق السمات التي ذكرنا أهمها في الفصل الثامن. لذلك فإن على مخططي المناهج الدراسية، بغض النظر عن مجالات تخصصاتها، أن يوجهوا المناهج لتحقيق هذه الخصائص وتطبيقها في المجتمع.

ومن الوظائف التي ينبغي أن يحرص مخططو المناهج على الوفاء بها، الوفاء بحاجة المناهج الدراسية الأخرى. فعلى سبيل المثال، يحتاج تلميذ الصف الثالث الثانوي عند دراسته للفيزياء والكيمياء إلى خبرات معينة في الرياضيات. وما لم يأخذ مخططو منهج الرياضيات لهذا الصف تطبيقات الرياضيات في المناهج الدراسية الأخرى في الاعتبار، فإن هذا المنهج سوف يكون منقوصًا, ويسبب هذا النقص مشكلات كثيرة للمتعلم في دراسته للفيزياء والكيمياء، على سبيل المثال.

ونسوق مثالًا آخر لوظيفة المنهج -بغض النظر عن مجال تخصصه- يتعلق باللغة العربية. فتحقيقًا لمبدأ تكامل المناهج الدراسية لمختلف مجالات الدراسة مع منهج اللغة العربية، ينبغي أن تراعي مناهج المجالات الأخرى تطبيق اللغة العربية من حيث الضبط النحوي وسلامة التراكيب وغيرها. لذلك، فإنه تصبح المحافظة على الضبط النحوي, وسلامة التراكيب وغيرها عند صياغة خبرات جميع المناهج في هذا الصف مسئولية مخططي مناهجها وفاء لحاجة المتعلم إلى اللغة العربية.

وهناك وظيفة أخرى تتخطى حدود البيئة المحلية والمجتمع المحلي، ولكن في ظل العولمة التي تزحف على حياتنا اليومية، وفي ظل أهمية الاقتصاد في حياة الأمم يصبح لوظيفة المناهج الدراسية امتداد أبعد من البيئة والمجتمع المحليين.

فالبيئة المحلية والمجتمع المحلي لهما مطالب من المناهج الدراسية، لا شك واجبة الوفاء. ففي بلد مثل مصر يتوقع أن تسد المناهج الدراسية حاجتها، من المختصين في استصلاح الأراضي الصحراوية واستزراعها سدا لحاجة المجتمع إلى التوسع في زراعة القمح والخروج من الشريط الزراعي الضيق حول النيل، كما أنها في حاجة إلى شباب مؤهل للاستثمار في المشروعات الصغيرة خروجًا من مصيدة البطالة. ونضرب مثلًا آخر, للوفاء بحاجة المجتمع المحلي من البلدان الخليج، فقد أنشأت هذه البلدان في وقت الطفرة الاقتصادية بنية أساسية رائعة. وتتوقع هذه البلدان من المناهج الدراسية أن تعد الخبرات القادرة على صياغة هذه البنية وتطويرها حلا لمشكلة الاعتماد على القوى العاملة الأجنبية، وبخاصة غير المسلمة.

أما بالنسبة للعولمة وأهمية التنمية الاقتصادية، فإن العولمة تفرض أن يعنى المنهج الدراسي بهذا الاتجاه وما يتمخض عنه من آثار كلما كان هذا ممكنًا. وإضافة إلى ما سبق ذكره فإن التنمية الاقتصادية أصبحت تمتد إلى خارج حدود المجتمع المحلي، في كثير من الأحيان فمثلًا، مصر عندها عمالة فائضة عن حاجتها، الأمر الذي يضع على كاهل المناهج الدراسية إعدادها لسد حادة البلدان التي تحتاج إلى عمالة مثل أوربا وأفريقيا وبلدان الخليج وغيرها من البلدان. ولا يمكن الوفاء بهذا إلا عن طريق تخطيط مناهج دراسية تحققه.

<<  <   >  >>