التعليمية، ولا يظهر أثرها إلا في نهاية هذه المرحلة -طالت أو قصرت- وبعد وضوح آثارها في مجالات العمل. وقد يستغرق هذا وقتا أطول مما يستطيع متخذو القرار عليه صبرًا.
يضاف إلى هذا، أن تخطيط المناهج عملية معقدة تحتاج إلى جهد ووقت وخبرات متفردة، وتتوقف نتائجها -إلى حد كبير- على مدى استثمار طاقات المتعلم بالأسلوب المناسب، وهذا عمل يسهل قوله ولكنه صعب التطبيق، ناهيك عن أن ثماره لا تتحقق بالصورة المرجوة إلا إذا وجدت له خطة مستمرة، وتوافرت له الإمكانات المناسبة، وواكب التقدم العلمي الذي بلغ تسارع خطاه مدى غير مسبوق، ولاحق التقدم التقني الغلاب. وهذا أمر يحتاج إلى استنهاض كل المقومات العلمية والفنية لعملية التعليم والتعلم، إلى غير هذا من الأساسيات التي لا يتحقق تخطيط المناهج بصورة فعالة إلا بها، والتي تحتاج إلى وقت وجهد لكي تؤتي ثمارها المرجوة.
ولكن الذين يفهمون طبيعة التخطيط التربوي من متخذي القرار يضعونه في أولوياتهم، بل يسارعون الخطى نحوه كي يختصروا الوقت -بقدر المستطاع- تعجيلًا ليوم الحصاد، لذلك، يوفرون للتخطيط التربوي بعامة وتخطيط المناهج على وجه الخصوص جميع الإمكانات التي يحتاجانها، تحقيقًا لحسن إعداد المتعلم الذي عليه تتوقف النهضة في كل قطاعات الإنتاج والخدمات. هؤلاء جنوا ثمار غرسهم بإعداد أجيال قادرة على استيعاب
معطيات العصر، وإدراك متطلبات التقدم، ومواكبة عجلة التسارع العلمي والتقني، وتبوأت بلادهم مكان الصدارة في ركب القيادة.
أما الذين لا يعنون بالتخطيط التربوي، جهلًا بأهميته أو استبطاء لثماره أو ادخارًا لنفقاته أو لغير هذه من الأسباب، فإنهم لا يعرفون طبيعة التطوير التربوي، ولا يدركون آثاره الخطيرة على المجتمع. وهم في النهاية هم الخاسرون.